حين التقيتك بقلم سارة مجدي

موقع أيام نيوز


مغيبه تفتح فمها تلتقط ما يوجد بالملعقة ليبتسم بسعادة كبيرة و هو يأكل ما تبقا منها بسعادة
أنت بتعمل كل ده ليه 
رفع عيونه إليها بحيره لتكمل كلماتها
أنت مين 
ترك المعلقة من يديه و عقص ذراعيه فوق الطاولة و نظر إلى الحائط أمامه لعدة ثواني صامتا ثم نظر إليها و قال بابتسامة حزينة
أنا جعفر إبن سلطان و سنيه أتنين أيتام قرروا يسندوا بعض ويعافروا فى الحياة سوا أتجوزوا و خلفوني أنا بس و لما كملت خمستاشر سنه أبويا ماټ و أمى مقدرتش تعيش بعده كتير و سابتني لوحدى من يومها إعتمدت على نفسي أشتغلت ليل نهار حاولت أكمل تعليمى لكن معرفتش أصل بصراحة دماغى مش فى العلام 

كانت تستمع إليه بكامل تركيزها صحيح هى لم تقصد هذا من سؤلها لكنها فرصة جيدة لتكتشف من هو جعفر لم ينتبه لحالها أو أفكارها و أكمل كلماته
كنت عامل يوميه فى المصنع أشيل الكراتين و أفرغ العربيات ألملم القصصات و أنظف الورش بعد العمال ما يمشوا لحد ما فى يوم الحج برعي صاحب المصنع شافني و فضل مراقبني جالى فى يوم و سألني أنت ليه بتشتغل كتير ليه مش بتروح بيتك و حكتله كل حكايتي صعبت عليه و فضل يرقيني شوية بشوية لحد ما بقيت رئيس العمال و المسؤل عن ورش التفصيل رغم حنان الحج برعي لكن كنت ديما حاسس بالوحده و اليتم
نظر إليها و أبتسم إبتسامة صغيرة وأكمل قائلا
لحد اليوم إللى دخلتى عليا الورشة و أنت باصه فى الأرض و الدموع ماليه عيونك
كانت تستمع لكلماته و وصفه و هى تتذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله و حزنها بسبب تركها للمدرسة و مرض والدتها و تخلى والدها عن مسؤليته
ليكمل جعفر كلماته
وقتها قررت أعيش علشانك وقتها حسيت الدنيا بتقولى لسه ليك نصيب من الحلو يا جعفر
هما ليه سموك جعفر 
قاطعت سيل كلماته بذلك السؤال ليضحك بصوت عالي ليخطف تلك الدقة الزائدة بقلبها و يعيدها إليها دقات و دقات
ظلت تنظر إليه و هى تبتسم دون وعى حتى هدأت ضحكاته و أقترب بوجهه من وجهها وقال
هو أسمى وحش ده حتى معناه النهر الصغير فوق الجدول
رفعت هديل حاجبيها باندهاش ليحك مؤخرة رأسه و هو يقول ببعض الخجل
صحيح أنا مش معايا شهادات لكن دورت على معنى الأسم حتى دورت على معنى إسمك
و معناه أيه بقا 
قالتها باستفهام تصاحبها إبتسامة رقيقة و ناعمة و سعادة تطرق بيبان قلبها و ټحطم حواجز الحزن

التى تحيط به
أخفض عينيه أرضا و قال بخجل لا يتناسب أبدا مع خشونة ملامحه و جسده الضخم و ذلك الچرح الإجرامي فى وجهه
معناه رفع الصوت و تردده
خيم الصمت عليهم لم يستطع أن ينظر إليها و هى لم تستطع التعقيب على كلماته سوا بتلك البسمة التى أصبحت جزء من وجهها منذ جلوسها معه 
مرت عدة دقائق يخشى النظر إلى عيونها و هى تتأمل جانب وجهه و ذلك الچرح الكبير الذي يزيده خشونة و قوة و يالا العجب تشعر أنه مميز و لا تشعر بالنفور منه كمان كانت تشعر سابقا
هو إيه سبب الچرح ده 
سألته و يدها تلمس طرف حاجبه لينظر إليها بسعادة رغم ذلك القلق الذى يسكن عينيه أبعدت يديها و أستندت بذقنها على كف يدها المستندة على الطاولة ليمسك الملعقة و وضع بها بعض الطعام و قربها من فمها و هو يقول
بعد سنتين من شغلى فى المصنع كان فى عربية عايزة تتحمل و كل العمال تعبوا و قرروا يسبوها لبكره و أنا كنت بنام فى المصنع و فى اليوم ده مكنتش عايز أنام قولت أحملها و أسلي وقتى و بعد ما خلصت تحميلها وقبل ما أقفل العربية معرفش إيه إللى كعبلنى وقعت على الأرض و كان فى صندوق حديد وقعت عليه و حصل إللى حصل
كل ذلك و هو يطعمها بسعادة كبيرة تجعل قلبه الذي دائما يشعر بالوحدة و الۏحشة بداء الأن يشعر بالحياة و السعادة
هو أنت كنت فين من زمان 
رفع عيونه إليها باندهاش وإبتسامة واسعة تزين ثغره لتقول هى ببعض الخجل
أنا مش عارفة أقول أيه أنا عايزه أشكرك كل حاجة عملتها جوازك منى
ليشير لها بالصمت و قال ببعض الحزن
تشكريني ! على إيه على إنكم فرحتونى و حسستوني أنى بنى آدم و أستحق يكون ليا عيله و ناس بحبها و يحبوني عايزه تشكريني علشان حلمى أتحقق يا هدير بأنك تكوني مراتى
تشعر بكثير من المشاعر داخلها و لكنها لا تستطيع إستيعاب كل تلك السعادة و الفرحة التى لم تحلم بها يوما و الحياة الجديدة الذى فتح جعفر بابها أمامها و لكنها حقا لم تعتاد عليه و كل شىء تم بسرعة و لكنها لا تعلم كيف تخبره بكل تلك الأفكار التى تدور برأسها
لكنه كان يتابع كل حركة منها حتى أنه كان يعد عدد إنغلاق عيونها و فتحها ليمسك يدها المستريحة
 

تم نسخ الرابط